معركة الكرامة.. فدائيون يتذكرون
رغم الخبرة العسكرية الكبيرة والتسليح الضخم الذي امتلكه الجيش الاسرائيلي في معركة الكرامة التي دارت رحاها في 21 اذار عام 1968، الا ان
الايمان المطلق بضرورة الصمود والتصدي للفدائي الفلسطيني والجندي الاردني
منحهم نصرا رفع معنويات الوطن العربي الذي منيت جيوشه بهزيمتين امام
العصابات الاسرائيلية عامي 1948 و1967.ولتخليد ذكرى هذا النصر اجريت مقابلات مع فدائيين فلسطينيين وضباط في الجيش الاردني ممن حاربوا في معركة الكرامة وهم: صلاح التعمري وعبد الاله الاتيرة والضابط في
المدفعية الاردنية آن ذاك واصف عريقات.يقول صلاح التعمري آمر القاعدة العسكرية (00) “ان معركة الكرامة كانت معركة معنويات واندفاع
الفدائيين للقتال من اجل فلسطين عوض عن تواضع خبرتهم العسكرية، فمعظمهم
كانوا طلبة في الجامعات وموظفين لبوا نداء الوطن وحركة فتح “.في ذلك الوقت كان التعمري موكلا من القائد العام لحركة فتح ياسر عرفات “ابو عمار”
بالتنسيق مع الجيش الاردني، ولهذا الغرض اجتمع باللواء كاسب صفوق احد قادة
معركة الكرامة والذي وصفه بـ”الشجاع”، قائلا “اتفقنا على الصمود وهذا ما
حصل”.ومن بين المشاهد التي ما زالت ملتصقة في ذاكرة التعمري انه “قبل المعركة بيوم واحد كنا نجلس في بيارة موز بقرية الكرامة ونتحدث
(الفدائيين) واذ باحدهم يطل علينا بكامل اناقته، اذكر ان اسمه رؤوف، في ذلك
الوقت كنا نستعد للمعركة، استعجبنا من مشهد الاناقة في غير وقتها، وسألناه
لما كل هذا؟! فأجابنا: اريد ان اكون اجمل شهيد”، مشيرا إلى ان استبسال
الفدائيين كان غير محدود، بينما كانت المدفعية الاردنية تطلق نيرانها
باتجاه نقاط الاختراق على الحدود. حطمت معركة الكرامة كل النظريات العسكرية ونظرية حرب العصابات بعد القرار السياسي الذي اتخذه الشهيد الراحل
“ابو عمار” وقيادة حركة فتح بضرورة احداث تغيير استراتيجي تاريخي بالصمود
امام الاليات العسكرية الاسرائيلية المغطاة بالقصف المدفعي والطيران
الحربي.يقول الفدائي برتبة ضابط في ذلك الوقت عبد الاله الاتيرة، والذي لم يتجاوز عمره الـ 20 عاما والتحق بالمعركة بعد دورة عسكرية
“الصاعقة” في مصر، “ان الفدائي الفلسطيني الذي حمل الرشاش والقذائف وهو
بدون رتبة ولا راتب، كان يملك فقط ارادة القتال في المعركة وذلك كان سبب
النصر، كان ينتظر وصول الدبابة الاسرائيلية ليفجر نفسه فيها”.واشار الى “ان وحدة السلاح والدم الاردني الفلسطيني حينها كان لها عظيم الاثر بردع الهجوم الاسرئيلي .واضاف: ان معركة الكرامة حطمت مقولة ان الجيش الاسرائيلي هو “الجيش الذي لا يقهر”
كما انها اوضحت لـ”موشي ديان” وزير الجيش الاسرائيلي وقتها ان المقاومة
الفلسطينية ليست كالبيضة التي يستطيع كسرها متى يشاء”.ومن بين قصص التضحية التي كان الاتيرة شاهدا عليها ان احد المقاومين الذي يحمل قاذف
الهاون اطلق قذيفة من نقطة صفر نحو الية اسرائيلية ليستشهد هو ويقتل كل من
في الالية، مضيفا ان كثيرا من المقاومين اشتبكوا مع جنود جيش الاحتلال من
نقطة الصفر وان من بين الشهداء الذين يشهد لهم بصمودهم الاسطوري، آمر
القاعدة التي كان يقاتل فيها تيسير هواش المعروف بـ”ابو الشريف”، وهو من
مدينة نابلس وكان تاجرا ناجحا ورب اسرة، الا انه فضل الالتحاق بالمقاومة
الفلسطينية وخوض المعركة، حيث ظل يقاتل حتى اصيب بزخة رصاص مدفع اسرائيلي
ليرتقي شهيدا.ومن الجانب الاردني يقول الضابط في المدفعية الثقيلة واصف عريقات ان الهدف الاسرائيلي كان كبيرا حينها وهو ما اكده الفدائي
الاتيرة، موضحا انهم كانوا ينون السيطرة على جبال السلط واجبار الاردن على
توقيع اتفاقية سلام.وقال عريقات “بدأت المعركة في تمام الساعة 5:30 صباحا، لاحظنا اختراقا للدبابات الاسرائيلية للحدود وقمنا بابلاغ القيادة
الخلفية التي اصدرت الاوامر بضرورة التصدي وكان قائد المعركة الفريق اول
مشهور حديِثة، وبالفعل قمنا بقصف ارتال الدبابات وكانت الاصابات مباشرة”.واضاف: ان شعور المقاتلين حينها كان يتمثل بالغضب على المحتل بالاضافة لاننا
ندافع عن قضية فلسطين وهي قضية عربية، حينها كان يجتمع الشعور والعقل،
والوازع بضرورة صد المحتل والشعور بالعزة والايمان، كانت حالة عنفوان،
وبفعل صمود الجندي الاردني والفدائي الفلسطيني قلبت المعادلة الاسرائيلية
باجتياح شرق الاردن والقضاء على المقاومة الفلسطينية خلال ساعات قليلة،
فاستمر القتال مدة 16 ساعة انتهت بكسب المعرك
